والإفراد في حالتي الاجتماع والانفراد على حد سواء: ﴿ولا﴾ أي افعلوا ما أمرتم به من ذلك، وانتهوا عما نهيتم عنه منه، لما تقرر في الجبلات من العلم الضروري بخيريته وحسنه، ولا ﴿تقف﴾ أي تتبع أيها الإنسان مجتهداً بتتبع الآثار ﴿ما ليس لك به علم﴾ من ذلك وغيره، كل شيء بحسبه، لا سيما البهت والقذف، فما كان المطلوب فيه القطع لم يقنع فيه بدونه، وما اكتفى فيه بالظن وقف عنده؛ ثم علل ذلك مخوفاً بقوله: ﴿إن السمع والبصر﴾ وهما طريقا الإدراك ﴿والفؤاد﴾ الذي هو آلة الإدراك؛ ثم هوّل الأمر بقوله تعالى: ﴿كل أولئك﴾ أي هذه الأشياء العظيمة، العالية المنافع، البديعة التكوين، وأولاء وجميع أسماء الإشارة يشار بها للعاقل وغيره كقوله:

ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام
﴿كان﴾ أي بوعد لا خلف فيه ﴿عنه﴾ أي وحده ﴿مسؤولاً *﴾ بسؤال يخصه، هل استعمله صاحبه في طلب العلم مجتهداً في ذلك، ليعمل عند الوقوف على الحقائق بما يرضي الله، ويجتنب ما يسخطه أو لا؟ وأول حديث النفس السابح ثم الخاطر ثم الإرادة والعزيمة، فيؤاخذ بالإرادة والعزيمة لدخولهما تحت الاختيار فيتعلق بهما التكليف،


الصفحة التالية
Icon