بالعطف بفاء السبب على ﴿ما﴾ بعد الاستئناف بهمزة الإنكار، فكان كأنه قيل: لا تفعل ذلك كما فعل هؤلاء الذين أفرطوا في الجهل فنسبوا إليه من خلقه أدنى الجزءين كما تقدم في النحل في قوله تعالى ﴿ويجعلون لله البنات﴾ [النحل: ٥٤] ثم عبدوا ذلك الجزء وهم لا يرضونه لأنفسهم؛ ثم التفت إليهم مخاطباً بما دل على تناهي الغضب فقال: ﴿أفأصفاكم ربكم﴾ أي أخلق المحسن إليكم بنين وبنات فأصفاكم إحساناً إليكم وأنتم تكفرون به ﴿بالبنين﴾ الذين هم أفضل صنفي الأولاد، ﴿و﴾ لم يحسن إلى نفسه بأن شارككم في البنين، بل ﴿اتخذ﴾ عبر بالافتعال لأن من عدل إلى أحد الصنفين مع التمكن من الآخر لا يكون إلا شديد الرغبة فيما عدل إليه ﴿من الملائكة﴾ الذين هم أقرب عباده أولاداً، ثم ما كفاه نقص الولدية ومعالجة أسبابها حتى جعل ما اتخذه ﴿إناثاً﴾ فرضي لنفسه - وهو إلهكم الخالق الرازق - با لا ترضونه لأنفسكم، ووصلتم في كراهته في بعض الحالات إلى القتل، فصار مشاركاً لكم في البنات مخصصاً لكم دونه بالبنين، وذلك خلاف


الصفحة التالية
Icon