أمركم بصرفها إليه.
ولما كان الغالب على أحوال البشر أن حليمهم إذا غضب لا يغفر، وإن عفا كان عفوه مكدراً، قال تعالى: ﴿غفوراً *﴾ مشيراً بصيغة المبالغة إلى أنه على غير ذلك ترغيباً في التوبة.
ولما قرر في سياق التوحيد أنهم في الحضيض من الغباوة، التفت إلى سيد أولي الفهم، فقال مشيراً إلى النبوة عاطفاً على ﴿لا تفقهون﴾ منبهاً على أنهم لا يفهمون لسان القال فضلاً عن لسان الحال: ﴿وإذا قرأت القرءان﴾ الذي لا يدانيه واعظ، ولا يساويه مفهم، وهو تبيان لكل شيء ﴿جعلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿بينك﴾ وبينهم، ولكنه أظهر هذا المضمر بالوصف المنبه على إعراضهم عن السماع على الوجه المفهم فقال تعالى: ﴿وبين الذين لا يؤمنون﴾ أي لا يتجدد لهم إيمان ﴿بالآخرة﴾ أي التي هي قطب الإيمان ﴿حجاباً﴾ مالئاً لجميع ما بينك وبينهم مع كونه ساتراً لك عن أن يدركوك حق الإدراك على ما أنت عليه ﴿مستوراً *﴾ عنهم وعن غيرهم، لا يراه إلا من أردنا، وذلك أبلغ في العظمة وأعجب في نفود الكلمة ﴿وجعلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿على قلوبهم أكنة﴾ أي أغطية، كراهة ﴿أن يفقهوه﴾ أي يفهموا القرآن حق فهمه ﴿وفي ءاذانهم وقراً﴾ أي شيئاً ثقيلاً يمنع سماعهم السماع النافع بالقصور في إدراكهم


الصفحة التالية
Icon