مجهولة، ولا تتجاوزوا فيهم ما آمركم به من قول وفعل فإنه الأحسن؛ ثم رقى الخطاب إلى أعلى الخلق ورأس أهل الشرع ليكون من دونه أولى بالمعنيّ منه فقال تعالى: ﴿وما﴾ أي فما أرسلناك إلا للدعاء بمثل ذلك على حسب ما نأمرك به، وما ﴿أرسلناك﴾ أي مع ما لنا من العظمة الغنية عن كل شيء ﴿عليهم وكيلاً *﴾ أي حفيظاً وكفيلاً لغيرهم على ما يرضي الله، وإنما أرسلناك بشيراً ونذيراً فدارهم وأمر أصحابك بمداراتهم.
ولما أمرهم بأن ينسبوا الأعلمية بهم إليه سبحانه، أخبر بما هو أعم من ذلك فقال تعالى عاطفاً على ﴿ربكم﴾ إعلاماً بأن علمه ليس مقصوراً عليهم، بل هو محيط، قاصراً الخطاب على أعلم الخلق به سبحانه إشارة إلى أنه لا يعلم هذا حق علمه غيره: ﴿وربك﴾ أي المحسن إليك بأن جعلك أكمل الخلق ﴿أعلم﴾ أي من كل عالم ﴿بمن في السماوات﴾ أي كلها ﴿والأرض﴾ منهم ومن غيرهم، بأحوالهم ومقاديرهم وآجالهم وما يستأهل كل واحد منهم، لأنه هو الذي خلقهم وفاوت بينهم في أخلاقهم وهيئاتهم فكيف يستبعدون أن يكون يتيم أبي طالب - على ما كانوا يقولون - نبياً، وأن يكون أصحابه العراة الجياع أفضل منهم.
ولما كان قد فهم من هذا السياق تفضيل بعض الأشياء على بعض