ألا تتخذوا من دون الله وكيلاً، وذلك من أعظم مقاصد السورة، قال في المزمور الخامس والأربعين بعد المائة: لا تتوكلوا على الرؤساء ولا على بني البشر الذين ليس عندهم خلاص، فإن أرواحهم تفارقهم ويعودون إلى ترابهم، في ذلك اليوم تبطل أعمالهم.
ولما أثبت أن شأنه تعالى فعل ذلك وأمثاله من التفضيل والتحويل على حسب علمه وقدرته، ثبت بغير شبهة أن لا مفزع إلا إليه، فأمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم تحقيقاً لذلك أن يأمرهم بما يظهر به عجز شركائهم، رداً عليهم في قولهم: لسنا بأهل لعبادته استقلالاً، فنحن نعبد بعض المقربين ليشفع لنا عنده، فقال تعالى: ﴿قل ادعوا الذين﴾ وأشار إلى ضعف عقولهم وعدم تثبتهم بالتعبير بالزعم فقال تعالى: ﴿زعمتم﴾ أنهم آلهة؛ وبين سفول رتبتهم بقوله تعالى: ﴿من دونه﴾ أي من سواه كالملائكه وعزير والمسيح والأصنام، ليجلبوا لكم خيراً، أو يدفعوا عنكم ضراً ﴿فلا﴾ أي فإن دعوتموهم أو لم تدعوهم فإنهم لا ﴿يملكون كشف الضر﴾ أي البؤس الذي من شأنه أن يرض الجسم كله ﴿عنكم﴾ حتى لا يدعوا شيئاً منه ﴿ولا تحويلاً *﴾ له من حالة إلى ما هو أخف منها، فضلاً عن أن يبدلوه بحالة حسنة أو يحولوه إلى عدوكم، والآية نحو قوله تعالى: {فما يستطيعون