الله تعالى يجيبهم إلى مقترحهم طمعاً في إيمانهم وإراحة له ولأتباعه من أذاهم، وكان ما رأوه من آية الإسراء أمراً باهراً ثم لم يؤمنوا، بل ارتد بعض من كان آمن منهم، كان المقام في قوة اقتضائه أن يقال بعد ذكر آية العذاب: ما لهم لا يعجل عذابهم أو يجابون إلى مقترحاتهم ليقضى الأمر؟ فيقال في الجواب: ما منعنا من تعجيل عذابهم إلا أنا ضربنا لهم أجلاً لا بد من بلوغه ﴿وما منعنا﴾ أي على ما لنا من العظمة التي لا يعجزها شيء ولا يمنعها مانع ﴿أن نرسل﴾ أي إرسالاً يظهر عظمتنا على وجه العموم ﴿بالآيات﴾ أي التي اقترحتها قريش، فكان كأنه لا آيات عندهم سواها ﴿إلا﴾ علمنا في عالم الشهادة بما وقع من ﴿أن كذب بها﴾ أي المقترحات ﴿الأولون﴾ وعلمنا في عالم الغيب أن هؤلاء مثل الأولين في أن الشقي منهم لا يؤمن بالمقترحات كما لم يؤمن بغيرها، وأنه يقول فيها ما قال في غيرها من أنها سحر ونحو هذا، والسعيد لا يحتاج في إيمانه إليها، فكم أجبنا أمة إلى مقترحها فما زاد ذلك أهل الضلالة منهم إلا كفراً، فأخذناهم لأن سنتنا جرت أنا لا نمهل بعد الإجابة إلى المقترحات من كذب بها، ونحن قد قضينا برحمة هذه الأمة وتشريفها على الأمم السالفة بعدم استئصالها، لما يخرج من أصلاب