﴿طيناً *﴾ فكفر بنسبته لنا إلى الجور وعدم الحكمة، متخيلاً أنه أكرم من آدم عليه السلام من حيث إن الفروع ترجع إلى الأصول، وأن النار التي هي أصله أكرم من الطين، وذهب عليه إن الطين أنفع من النار فهو أكرم، وعلى تقدير التنزل فإن الجواهر كلها من جنس واحد، والله تعالى الذي أوجدها من العدم يفضل بعضها على بعض بما يحدث فيها من الأعراض، كما تقدمت الإشارة إليه في ﴿ولقد فضلنا بعض النبيّن على بعض﴾ [الإسراء: ٥٥].
ولما أخبر تعالى بتكبره، كان كأنه قيل: إن هذه لوقاحة عظيمة واجتراء على الجناب الأعلى، فهل كان غير هذا؟ فقيل: نعم! ﴿قال أرءيتك﴾ أي أخبرني ﴿هذا الذي كرمت عليّ﴾ بم كرمته عليّ مع ضعفه وقوتي؟ فكأنه قيل: لقد أتى بالغاية في إساءة الأدب، فما كان بعد هذا؟ فقيل: قال مقسماً لأجل استبعاد أن يجترىء أحد هذه الجراءة على الملك الأعلى: ﴿لئن أخرتن﴾ أي أيها الملك الأعلى تأخيراً ممتداً ﴿إلى يوم القيامة﴾ حياً متمكناً ﴿لأحتنكن﴾ أي بالإغواء ﴿ذريته﴾ أي لأستولين عليهم بشدة احتيالي كما يستولي الآكل على ما أخذه في


الصفحة التالية
Icon