من أنه يؤثر شيئاً استقلالاً فقال تعالى: ﴿إن﴾ أي اجهد جهدك، لأن أهل الشهوات سلطتك عليهم زيادة في شقائك بما أردته منهم قبل خلقك وخلقهم، لا تقدر أن تتعدى شيئاً منه إلى خالصتي ومن ارتضيته لعبادتي، إن ﴿عبادي﴾ الذين أهّلتهم للإضافة إليّ فقاموا بحق عبوديتي بالتقوى والإحسان ﴿ليس لك﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿عليهم سلطان﴾ أي فلا تقدر أن تغويهم وتحملهم على ذنب لا يغفر، فإني وفقتهم للتوكل عليّ فكفيتهم أمرك ﴿وكفى بربك﴾ أي الموجد لك المدبر لأمرك ﴿وكيلاً *﴾ يحفظ ما هو وكيل فيه من كل ما يمكن أن يفسده.
ولما ذكر أنه الوكيل الذي لا كافي غيره في حفظه، لاختصاصه بشمول علمه وتمام قدرته، أتبعه بعض أفعاله الدالة على ذلك فقال تعالى، عوداً إلى دلائل التوحيد الذي هو المقصود الأعظم بأحوال البحر الذي يخلصون فيه، في أسلوب الخطاب استعطافاً لهم إلى المتاب: ﴿ربكم﴾ أي المحسن إليكم، هو ﴿الذي يزجي﴾ أي يسوق ويدفع وينفذ ﴿لكم﴾ أي لمنفعتكم ﴿الفلك﴾ التي حملكم فيها مع أبيكم نوح عليه السلام ﴿في البحر لتبتغوا﴾ أي تطلبوا طلباً عظيماً بذلك أنواع المنافع التي يتعذر أو يتعسر الوصول إليها في البر ﴿من فضله﴾ ثم علل فعله