ذلك بقوله تعالى: ﴿إنه﴾ أي فعل ذلك لكم لأنه ﴿كان﴾ أي أزلاً وأبداً ﴿بكم﴾ أي أيها المؤمنون خاصة ﴿رحيماً *﴾ أي مكرماً بالتوفيق إلى فعل ما يرضيه في المتجر وغيره، لا لشيء غير ذلك، أو يكون ذلك خطاباً لجميع النوع فيكون المعنى: خصكم به من بين الحيوانات.
ولما كان المراد المؤمنين خاصة وإن كان خطاباً للمجموع، خص المشركين كذلك فقال: ﴿وإذا﴾ أي فإذا نعمكم بأنواع الخير كنتم على إشراككم به سبحانه، وإذا ﴿مسكم﴾ ولم يقل: أمسكم - بالإسناد إلى نفسه، تأديباً لنا في مخاطبته بنسبة الخير دون الشر إليه، مع اعتقاده أن الكل فعله، وتنبيهاً على أن الشر مما ينبغي التبرؤ منه والبعد عنه ﴿الضر في البحر﴾ من هيج الماء واغتلامه لعصوف الريح وطمو الأمواج ﴿ضل﴾ أي ذهب وبطل عن ذكركم وخواطركم ﴿من تدعون﴾ من الموجودات كلها ﴿إلا إياه﴾ وحده، فأخلصتم له الدعاء علماً منكم أنه لا ينجيكم سواه ﴿فلما نجّاكم﴾ من الغرق وأوصلكم بالتدريج ﴿إلى البر أعرضتم﴾ عن الإخلاص له ورجعتم إلى الإشراك ﴿وكان الإنسان﴾ أي هذا النوع ﴿كفوراً *﴾ أي بليغ التغطية لما حقه أن يشهر، فأظهر في موضع الإضمار تنبيهاً على أن هذا الوصف لا يخصهم، بل يعم هذا النوع لطبعه على النقائص إلا من أخلصه الله له.


الصفحة التالية
Icon