على دوام المراقبة واستشعار الافتقار بقوله مقدماً المدخل لأنه أهم: ﴿وقل رب﴾ أي أيها الموجد لي، المدبر لأمري، المحسن إليّ ﴿أدخلني﴾ في كل مقام تريد إدخالي فيه حسي ومعنوي دنيا وأخرى ﴿مدخل صدق﴾ يستحق الداخل فيه أن يقال له: أنت صادق في قولك وفعلك، فإن ذا الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً ﴿وأخرجني﴾ من كل ما تخرجني منه ﴿مخرج صدق﴾.
ولما كان الصدق في الأمور قد لا يقارنه الظفر، قال تعالى: ﴿واجعل لي﴾ أي خاصة ﴿من لدنك﴾ أي عندك من الخوارق التي هي أغرب الغريب ﴿سلطاناً﴾ أي حجة وعزاً ﴿نصيراً *﴾ وفيه إشعار بالهجرة وأنها تكون على الوجه الذي كشف عنه الزمان من العظمة التي ما لأحد بها من يدان.
ولما كان الدعاء قد لا يستجاب، قال مبشراً له بأنه ليس بين دعائه وبين استجابته إلا قوله، ومحققاً لتلك البشرى بالأمر بأن يخبر بها: ﴿وقل﴾ أي لأوليائك وأعدائك: ﴿جاء الحق﴾ وهو كل ما أمرني به ربي وأنزله إليّ ﴿وزهق﴾ أي اضمحل وبطل وهلك ﴿الباطل﴾ وهو كل ما خالفه؛ ثم علل زهوقه بقوله: ﴿إن الباطل كان﴾ في نفسه بجبلته وطبعه ﴿زهوقاً *﴾ قضاء قضاه الله تعالى من الأزل؛ روى البخاري في التفسير وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه