تلزمه نفقته، شديداً في ذلك وإن اتسعت أحواله، وزادت على الحد أمواله، لما فيه من صفة النقص اللازمة بلزوم الحاجة له، طبع على ذلك فهو في غريزته بالقوة، فكلهم يفعله إلا من وفقه الله تعالى فغلب عقله على هواه وقليل ما هم! أي فإذا كان هذا أمركم فيما تملكونه مع الحاجة إلى الوجوه المنفق فيها فكيف تطلبون من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما لا يملكه، ولا ادعى القدرة عليه؟ أو من الخالق الحكيم أن يفعل ما تتعنتون به عبثاً بغير حاجة أصلاً، لأنه إن كان لإثبات قدرته فأنتم لا تمترون فيها، وإن كان لإثبات رسالة نبيكم فقد ثبت بأمور أعظمها هذا القرآن الذي مر آنفاً إقامة الدليل عليها به، وهتك أستار شبهتكم في استبعاد كون الرسول بشراً، والله تعالى قد أكرمكم بنبيكم عن أن يعاجلكم بالاستئصال عند العصيان بعد كشف الغطاء كما جرت به سنته في جميع الأمم، وإن كان لإثبات غناكم فهو شيء لا يغني نفوسكم فيردها عن طلب المزيد وعن التقتير لما طبعتم عليه. بل تكونون عند حصول ذلك لكم لحصول الغنى كالمستجير من الرمضاء بالنار، وهو قد قضى أنه يظهر أمره على كل من ناواه وإن كره الكافرون، وقد علم من يؤمن فييسر له الإيمان ويجعله