كما تعلق النار بالفتيلة بالنفخ، وهو تمثيل، وأضاف الروح إليه تشريفاً، وهو ما يصير به الجسم حياً، وأشرف منه ما يصير به الروح عالماً، وأشرف منه ما يصير به العالم عاملاً خاشعاً ﴿فقعوا له﴾ أي تعظيماً، حال كونكم ﴿ساجدين *﴾ أي اسجدوا له سجود من كان في مبادرته به وسهولة انقياده كأنه وقع من غير اختياره ﴿فسجد الملائكة﴾ أي بسبب هذا الأمر من غير توقف لما جاء الوقت الذي أمرتهم فيه لذلك البشر، وهو أبوكم آدم عليه السلام وأنتم في صلبه ﴿كلهم أجمعون *﴾.
ولما أبلغ في تأكيد ما أفهمه الجمع، استثنى فقال: ﴿إلا إبليس﴾ قيل: هو من قوم من الملائكة، وقيل: بل - لكونه كان واحداً بينهم منضافاً إليهم عاملاً بأعمالهم - كان معموراً فيهم، فكان كأنه منهم، فصح استثناءه لذلك، فكأنه قيل: ما فعل. فقيل استعظاماً لمخالفته: ﴿أبى أن يكون﴾ أي لشكاسة في جبلته ﴿من الساجدين *﴾ أو إنه لم يقل: فأبى - بالعطف، لأن الاستثناء منقطع، فإن إبليس من نار والملائكة من نور، وهم لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون بخلافه، فكأنه قيل: فما فعل به الملك؟ فقيل: لم يعاجله بالعقوبة، بل