من ذكره، فإن إذ ظرف زمان بمعنى حين، والحين قد يكون واسعاً، فيذكر ما فيه تارة جميعه على ترتيبه، وأخرى على غير ذلك، وتارة بعضه مع إسقاط البعض مع صدق جميع وجوه الإخبار لكونه كان مشتملاً على الجميع، وتكون هذه التصرفات على هذه الوجوه لمعانٍ يستخرجها من أراد الله.
ولما أخبر أنه أخبرهم بوجله منهم، تشوف السامع إلى جوابهم فقال: ﴿قالوا﴾ مريدين أمنه: ﴿لا توجل﴾ والوجل: اضطراب النفس لتوقع ما يكره؛ ثم عللوا ذلك بقولهم مؤكدين لقلع ما في نفسه من الوجل المنافي للبشرى ﴿إنا نبشرك بغلام﴾ أي ولد ذكر هو في غاية القوة وليس هو كأولاد الشيوخ ضعيفاً. ولما كان خوفه لخفاء أمرهم عليه، كان للوصف بالعلم في هذا السياق مزيد مزية فقالوا: ﴿عليم *﴾ فكأنه قيل: فما قال؟ فقيل: ﴿قال﴾ مظهراً للتعجب إرادة تحقيق الأمر وتأكيده: ﴿أبشرتموني﴾ أي بذلك ﴿على أن مسني الكبر﴾ أي الذي لا حركة معه يأتي منها ولد، أم على أن أعود شاباً؟ ولذلك سبب عنه قوله: ﴿فبم تبشرون *﴾ بينوا لي ذلك بياناً شافياً