أي نريد من هذا الأمر المغيب عنا، فإن الله تعالى جعله موعداً لي في لقاء الخضر ﴿فارتدا على ءاثارهما﴾ يقصانها ﴿قصصاً *﴾ وهذا يدل على أن الأرض كانت رملاً، لا علم فيها، فالظاهر - والله أعلم - أنه مجمع النيل والملح الذي عند دمياط، أو رشيد من بلاد مصر، ويؤيده نقر العصفور في البحر الذي ركبا في سفينته للتغذية - كما في الحديث، فإن الطير لا يشرب من الملح، ومن المشهور في بلاد رشيد أن الأمر كان عندهم، وأن عندهم سمكاً ذاهب الشق يقولون: أنه من نسل تلك السمكة - والله أعلم. فاستمرا يقصان حتى انتهيا إلى موضع فقد الحوت ﴿فوجدا عبداً من عبادنا﴾ مضافاً إلى حضرة عظمتنا وهو الخضر عليه السلام ﴿ءاتيناه﴾ بعظمتنا ﴿رحمة﴾ أي وحياً ونبوة، وكونه نبياً قول الجمهور ﴿من عندنا﴾ أي مما لم يجر على قوانين العادات غير أنه ليس بمستغرب عند أهل الاصطفاء ﴿وعلمناه من لدنا﴾ أي من الأمور المستبطنة المستغربة التي عندنا مما لم يحدث عن الأسباب المعتادات، فهو مستغرب عند أهل الاصطفاء ﴿علماً﴾ قذفناه في قلبه بغير واسطة؛ وقال الأستاذ أبو الحسن الحرالي: «عند» في لسان العرب لما ظهر، و «لدن» لما بطن، فيكون المراد بالرحمة ما ظهر من كراماته، وبالعلم الباطن الخفي المعلوم قطعاً أنه خاص بحضرته سبحانه،