ما يؤذيهم ويهلكهم ويرديهم، فيكونون بسلوك ذلك - وهم يعلمون ضرره عمياً وبكماً وصمّاً، لأنهم لا ينتفعون بمداركهم كما كانوا في الدنيا كذلك، لكنهم - هكذا كان الأصل، وإنما أظهر فقال: ﴿لكن الظالمون﴾ تنبيهاً على الوصف الذي أحلهم ذلك المحل ﴿اليوم في ضلال مبين *﴾ لا يسمعون ولا يبصرون.
ولما كان هذا الذي تقدم إنذاراً بذلك المشهد، كان التقدير: أنذر قومك ذلك المشهد وما يسمعونه فيه ويبصرونه ﴿وأنذرهم يوم الحسرة﴾ نفسه في ذلك المشهد العظيم، يوم تزل القدم، ولا ينفع الندم، للمسيء على إساءته، وللمحسن على عدم ازدياده من الإحسان.
ولما كان ﴿يوم﴾ مفعولاً، لا ظرفاً، أبدل منه، أو علل الإنذار فقال: ﴿إذ﴾ أي حين، أو لأنه، وعبر عن المستقبل بالماضي، إيذاناً بأنه أمر حتم لا بد منه فقال: ﴿قضي الأمر﴾ أي أمره وفرغ منه بأيسر شأن وأهون أمر، وقطعنا أنه لا بد من كونه ﴿وهم﴾ حال من ﴿أنذرهم﴾ أي والحال أنهم الآن ﴿في غفلة﴾ عما قضينا أن يكون في ذلك الوقت من أمره، لا شعور لهم بشيء منه،