﴿نبياً *﴾ أي يخبره الله بالأخبار العظيمة جداً التي يرتفع بها في الدارين وهو أعظم الأنبياء بعد محمد - على جميعهم أفضل الصلاة والسلام كما رواه الحافظ أبو البزار بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه وأكده وكذا أكد فيما بعده من الأنبياء عليهم السلام وإن كانوا مقرين بنبواتهم تنزيلاً لهم منزلة المنكر، لجريهم في إنكارهم نبوة البشر على غير مقتضى عليهم.
ولما تكفل ما تقدم من هذه السورة بنفي الشريك بقيد كونه ولداً، أتبع ذلك من قصته ما ينفي الشريك ليقتدي به أولاده في ذلك إذ كانوا يقلدون الآباء وليس في آبائهم مثله، فقال مبدلاً من ﴿إبراهيم﴾ ﴿إذ قال﴾ أي اذكر وقت قوله ﴿لأبيه﴾ هادياً له من تيه الضلال بعبادة الأصنام مستعطفاً له في كل جملة بقوله: ﴿يا أبت﴾.
ولما كان العاقل لا يفعل فعلاً إلا لثمره، نبهه على عقم فعله بقوله: ﴿لم تعبد﴾ مريداً بالاستفهام المجاملة، واللطف والرفق واللين والأدب الجميل في نصحه له كاشفاً الأمر غاية الكشف بقوله: ﴿ما لا يسمع ولا يبصر﴾ أي ليس عنده قابلية لشيء من هذين الوصفين ليرى ما أنت فيه من خدمته أو يجيبك إذا ناديته حالاً أو مآلاً. ولما كان الأعمى الأصم