به ما أخبر به عن الجنة، فثبت أمر البعث، أتبع ذلك ما يقرره على وجه أصرح منه وأعم فقال مبدلاً من ﴿ربك﴾ :﴿رب السماوات والأرض﴾ اللتين نحن من جملة ما فيهما من عباده ﴿وما بينهما﴾ منا ومن غيرنا من الأحياء وغيرها ﴿فاعبده﴾ بالمراقبة الدائمة على ما ينبغي له من مثلك ﴿واصطبر﴾ أي اصبر صبراً عظيماً بغاية جهدك على كل ما ينبغي الاصطبار عليه كذلك ﴿لعبادته﴾ أي لأجلها فإنها لا تكون إلا عن مجاهدة شديدة؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿هل تعلم له سمياً *﴾ أي متصفاً بوصف من أوصافه اتصافاً حقيقياً، أو مسمى باسمه، العلمَ الواقع موقع لأنه لا مماثل له حتى ولا في مجرد الاسم، وإيراده بصورة الاستفهام كالدعوى بدليلها.
ولما تبين بذلك وبما ذكر في هاتين السورتين مما سألوا عنه ومن غيره شمولُ علمه وتمام قدرته لا سيما في إيجاد البشر تارة من التراب، وتارة من ذكر وأنثى في حكم العدم، وتارة من أنثى بلا ذكر، وثبت ذلك كله، فانكشفت الشبه، وتضاءلت موجبات المراء، وانقمعت مخيلات الفتن، عجب منها في إنكارهم البعث وهم يشاهدون