منهم مع قرينه الذي أضله، في سلسلة ﴿ثم لنحضرنهم﴾ بعد طول الوقوف ﴿حول جهنم﴾ التي هم بها مكذبون، يحيطون بها لضيق رأسها وبعد قعرها، حال كونهم ﴿جثياً *﴾ على الركب من هول المطلع وشدة الذل، مستوقرين تهيؤوا للمبادرة إلى امتثال الأوامر ﴿ثم لننزعن﴾ أي لنأخذن أخذاً بشدة وعنف ﴿من كل شيعة﴾ أي فرقة مرتبطة بمذهب واحد.
ولما كان التقدير: لننزعن أغناهم، وهم الذين إذا نظرت إلى كل واحد منهم بخصوصه حكمت بأنه أغنى الناس، علم أنهم بحيث يحتاج إلى السؤال عنهم لإشكال أمرهم فقال: ﴿أيهم أشد على الرحمن﴾ الذي غمرهم بالإحسان ﴿عتياً *﴾ أي تكبراً متجاوزاً للحد، انتزاعاً يعلم به أهل الموقف أنه أقل من القليل، وأوهى أمراً من القتيل، وأن له سبحانه - مع صفة الرحمة التي غمرهم إحسانها وبرها - صفات أخرى من الجلال والكبرياء والجبروت والانتقام.
ولما تقدم ما هو في صورة الاستفهام، أتبعه ما يزيل ما قد يقع بسببه من بعض الأوهام، فقال: ﴿ثم﴾ وعزتنا! ﴿لنحن﴾ لشمول علمنا وكمال قدرتنا وعظمتنا ﴿أعلم﴾ من كل عالم ﴿بالذين هم﴾ لظواهرهم وبواطنهم ﴿أولى بها﴾ أي جهنم ﴿صلياً *﴾ وبالذين هم أولى بكل طبقة من دركاتها من جميع الخلق من المنتزعين وغيرهم، فلا يظن بنا أنا نضع أحداً في غير دركته أو غير طبقته من دركته؛