أتباعك، وعطف عليه القصة شاهداً محسوساً على ما له من الاتصاف بما انتفى عن غيره من الأسماء الحسنى، ولاسيما ما ذكر هنا من الاتصاف بتمام القدرة والتفرد بالعظمة، وأنه يعلي هذا المصطفى بإنزال هذا الذكر عليه وإيصاله منه إليه النصرة على الملوك وسائر الأضداد، والتمكين في أقطار البلاد، وكثرة الأتباع، وإعزاز الأنصار والوزراء والأشياع، وغير ذلك بمقدار ما بين ابتداء أمرهما من التفاوت، فإن ابتداء أمر موسى عليه السلام أنه أتى النار ليُقبس أهله منها ناراً أو يجد عندها هدى.
فمنح بذلك من هدى الدارين والنصرة على الأعداء كما سيقص هنا ما منح، وهذا النبي الكريم كان ابتداء أمره أنه يذهب إلى غار حراء فيتعبد الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك اجتذاباً من الحق له قبل النبوة بمدد، تدريباً له وتقوية لقلبه، فأتته النبوة وهو في مضمارها سائر، وإلى أوجها بعزمه صائر بل طائر، وموسى عليه السلام رأى حين أتته النبوة آية العصا واليد، ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قبل النبوة لا يمر بحجر ولا شجر إلا سلم عليه، كما أسنده ابن إسحاق في السيرة. وروى مسلم وغيره عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ