﴿يا موسى*﴾ ولما كان المقام للتعريف بالأيادي تلطفاً، قال مؤكداً، تنبيهاً له على تعرف أنه كلامه سبحانه من جهة أنه يسمعه من غير جهة معينة وعلى غير الهيئة التي عهدها في مكالمة المخلوقين، مسقطاً الجار في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي حفص بالفتح، وحاكياً بقول مقدر عند الباقين: ﴿إني أنا ربك﴾ أي المحسن إليك بالخلق والرزق وغيرهما من مصالح الدارين ﴿فاخلع نعليك﴾ كما يفعل بحضرات الملوك أدباً، ولتنالك بركتها ولتكون مهيأً للإقامة غير ملتفت إلى ما وراءك من الأهل والولد، ولهذا قال أهل العبارة: النعل يدل على الولد.
ثم علل بما يرشد إلى أنه تعالى لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان فقال: ﴿إنك بالواد المقدس﴾ أي المطهر عن كل ما لا يليق بأفنية الملوك؛ ثم فسره بقوله: ﴿طوى*﴾ ولما كان المعنى: فإني اخترته تشريفاً له من بين البقاع لمناجاتك، عطف عليه قوله: ﴿وأنا اخترتك﴾ أي للنبوة ﴿فاستمع﴾ أي أنصت ملقياً سمعك معملاً قلبك للسماع ﴿لما﴾ أي اخترتك للذي، وقدم استمع اهتماماً به ﴿يوحى*﴾ أي يقال لك مني سراً مستوراً عن غيرك سماعه وإن كان في غاية الجهر، كما يفعل الحبيب مع حبيبه من صيانة حديثهما عن ثالث