ولما كان بيان حقيقة الشيء مع إخفاء شخصه ووقته وجميع أحواله موجباً في الغالب لنسيانه والإعراض عنه، فكان غير بعيد من إخفائه أصلاً ورأساً، قال مشيراً إلى هذا المعنى: ﴿أكاد أخفيها﴾ أي أقرب من أن أجدد إخفاءها، فلذا يكذب بها الكافر بلسانه والعاصي بعصيانه فالكافر لا يصدق بكونها والمؤمن لا يستعد غفلة عنها، فراقبني فإن الأمر يكون بغتة، ما من لحظة إلا وهي صالحة للترقب؛ ثم بين سبب الإتيان بها بقوله: ﴿لتجزى﴾ أي بأيسر أمر وأنفذه ﴿كل نفس﴾ كائنة من كانت ﴿بما تسعى*﴾ أي توجد من السعي في كل وقت كما يفعل من أمر ناساً بعمل من النظر في أعمالهم ومجازاة كل بما يستحق.
ولما كانت - لما تقدم - في حكم المنسي عند أغلب الناس قال: ﴿فلا يصدنك عنها﴾ أي إدامة ذكرها ليثمر التشمير في الاستعداد لها ﴿من لا يؤمن بها﴾ بإعراضه عنها وحمله غيره على ذلك بتزيينه بما أوتي من المتاع الموجب للمكاثرة المثمرة لامتلاء القلب بالمباهاة والمفاخرة، فإن من انصد عن ذلك غير بعيد الحال ممن كذب بها،


الصفحة التالية
Icon