في تربيتك من أحد ولا مخوف عليك منه، وأنا حافظ لك حفظ من يلاحظ الشيء بعينه لا يغيب عنها، فكان كل ما أردته، فلما رآك هذا العدو أحبك وطلب لك المراضع، فلما لم تقبل واحدة منهن بالغ في الطلب، كل ذلك إمضاء لأمري وإيقافاً لأمره به نفسه لا بغيره ليزداد العجب من إحكام السبب، ثم ذكر ظرف الصنع فقال: ﴿إذ﴾ أي حين ﴿تمشي أختك﴾ أي في الموضع الذي وضعوك به لينظروا لك مرضعة ﴿فتقول﴾ بعد إذ رأتك، لآل فرعون: ﴿هل أدلكم على من يكفله﴾ أي يقوم بمصالحه من الرضاع والخدمة، ناصحاً له، فقالوا: نعم! فجاءت بأمك فقبلت ثديها ﴿فرجعناك﴾ أي فتسبب عن قولها هذا أن رجعناك ﴿إلى أمك﴾ حين دلتهم عليها ﴿كي تقر﴾ أي تبرد وتسكن ﴿عينها﴾ وتربيك آمنة عليك غير خائفة، ظاهرة غير مستخفية ﴿ولا تحزن﴾ بفراقك أو بعدم تربيتها لك وبذلها الجهد في نفعك ﴿وقتلت نفساً﴾ أي بعد أن صرت رجلاً من القبط دفعاً عن رجل من قومك فطلبت بها وأرادوا قتلك ﴿فنجيناك﴾ بما لنا من العظمة ﴿من الغم﴾ الذي كان قد نالك بقتله خوفاً من جريرته، بأن أخرجناك مهاجراً لديارهم نحو مدين ﴿وفتناك فتوناً﴾ أي خلصناك من محنة بعد محنة مرة بعد مرة،