فيكون قولكما تذكرة له فيرسل معكما بني إسرائيل، ومعنى الترجي أن يكون حاله حال من يرجى منه ذلك، لأنها من ثمرة اللين في الدعاء، جرى الكلام في هذا وأمثاله على ما يتعارفه العباد في محاوراتهم، وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون، فالمراد: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما ومبلغكما من العلم، وليس لهما أكثر من ذا ما لم يعلما، وأما علمه تعالى فقد أتى من وراء ما يكون - قاله سيبويه في باب من النكرة يجري مجرى ما فيه الألف واللام من المصادر والأسماء.
ولما كان فرعون في غاية الجبروت، وكان حاله حال من يهلكهما إلا أن يمنعهما الله، وأراد علم ما يكون من ذلك ﴿قالا ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا. ولما كان مضمون إخبارهما بالخوف مع كونهما من جهة الله - من شأنه أن لا يكون وأن ينكر، أكد فقالا مبالغين فيه بإظهار النون الثالثة إبلاغاً في إظهار الشكوى ليأتي الجبر على قدر ما يظهر من الكسر: ﴿إننا نخاف﴾ لما هو فيه من المكنة ﴿أن يفرط﴾ أي يجعل ﴿علينا﴾ بالعقوبة قبل إتمام البلاغ عجلة من يطفر ويثب إلى الشيء ﴿أو أن يطغى*﴾ فيتجاوز إلى أعظم مما هو فيه من الاستكبار ﴿قال لا تخافا﴾ ثم علل ذلك بما هو مناط النصرة والحيطة للولي والإهلاك للعدو، فقال مؤكداً إشارة إلى عظم الخبر،