﴿من ربك﴾ الذي لا إحسان عليك إلا منه، موجبة لقبول ما ادعيناه من العصا واليد وغيرهما، فأسلم تسلم، وفي تكرير مخاطبته بذلك تأكيد لتبكيته في ادعاء الربوبية، ونسبته إلى كفران الإحسان، فسلام عليك خاصة إن قبلت هدى الله ﴿والسلام﴾ أي جنسه ﴿على﴾ جميع ﴿من اتبع﴾ بغاية جهده ﴿الهدى*﴾ عامة، وإذا كان هذا الجنس عليهم كان من المعلوم أن العطب على غيرهم، فالمعنى: وإن أبيت عذبت ﴿إنا﴾ أي لأنا ﴿قد أوحي إلينا﴾ من ربنا ﴿أن العذاب﴾ أي كله، لأن اللام للاستغراق أو الماهية، وعلى التقديرين يقتضي قدر ثبوت هذا الجنس ودوامه لما تفهمه الاسمية ﴿على﴾ كل ﴿من كذب وتولى*﴾ أي أوقع التكذيب والإعراض، وذلك يقتضي أنه إن كان منه شيء على مصدق منقضياً، وإذا انقضى كان كأن لم يوجد، وفي صرف الكلام عنه تنبيه على أنه ضال مكذب وتعليم للأدب.
ولما كان التقدير: فأتياه فقولا: إنا رسولا ربك - إلى آخر ما أمر به، وتضمن قولهما أن لمرسلهما القدرة التامة والعلم الشامل، فتسبب عنه سؤاله عن تعيينه، أستأنف الإخبار عن جوابه بقوله: ﴿قال﴾ أي فرعون مدافعاً لهما بالمناظرة لا بالبطش، لئلا ينسب إلى