إليه إن شاء الله تعالى في سورة الأنبياء ﴿فكذب﴾ أي بها ﴿وأبى*﴾ أي أن يرسل بني إسرائيل؛ وهذا أبلغ من تعديد ما ذكر في الأعراف، فكأنه قيل: كيف صنع في تكذيبه وإبائه؟ فقيل: ﴿قال﴾ حين لم يجد مطعناً مخيلاً للقبط بما يثيرهم حمية لأنفسهم لأنه علم حقية ما جاء به موسى وظهوره، وتقبل العقول له، فخاف أن يتبعه الناس ويتركوه، ووهن في نفسه وهناً عظيماً بتأمل كلماته مفردة ومركبة يعرف مقداره: ﴿أجئتنا لتخرجنا من أرضنا﴾ هذه التي نحن مالكوها ﴿بسحرك يا موسى*﴾ فخيل إلى أتباعه أن ذلك سحر، فكان ذلك - مع ما ألفوه من عادتهم في الضلال - صارفاً لهم عن اتباع ما رأوا من البيان، ثم وصل بالفاء السببية قوله مؤكداً إيذاناً بعلمه أن ما أتى به موسى ينكر كل من يراه أن يقدر غيره على معارضته: ﴿فلنأتينك﴾ أي والإله الأعظم! بوعد لا خلف فيه ﴿بسحر مثله﴾ تأكيداً لما خيل به؛ ثم أظهر النصفة والعدل إيثاقاً لربط قومه فقال: ﴿فاجعل بيننا وبينك موعداً﴾ أي من الزمان والمكان ﴿لا نخلفه﴾ أي لا نجعله خلفنا ﴿نحن ولا أنت﴾ بأن نقعد عن إتيانه.
ولما كان من الزمان والمكان لا ينفك عن الآخر قال: ﴿مكاناً﴾ وآثر ذكر المكان لأجل وصفه بقوله: ﴿سوى *﴾ أي