﴿والذي﴾ أي ولا نؤثرك بالاتباع على الذي ﴿فطرنا﴾ أي ابتدأ خلقنا، إشارة إلى شمول ربوبيته سبحانه وتعالى لهم وله ولجميع الناس، وتنبيهاً على عجز فرعون عند من استحقه، وفي جميع أقوالهم هذه من تعظيم الله تعالى عبارة وإشارة وتحقير فرعون أمر عظيم.
ولما تسبب عن ذلك أنهم لا يبالون به، علماً بأن ما فعله فهو بإذن الله، قالوا: ﴿فاقض ما﴾ أي فاصنع في حكمك الذي ﴿أنت قاض﴾ ثم عللوا ذلك بقولهم: ﴿إنما تقضي﴾ أي تصنع بنا ما تريد أن قدرك الله عليه ﴿هذه الحياة الدنيا*﴾ أي إنما حكمك في مدتها على الجسد خاصة، فهي ساعة تعقب راحة، ونحن لانخاف إلا ممن يحكم على الروح وإن فني الجسد، فذاك هو الشديد العذاب، الدائم الجزاء بالثواب أو العقاب، ولعلهم أسقطوا الجار تنزلاً إلى أن حكمه لو فرض أنه يمتد إلى آخر الدنيا لكان أهلاً لأن لا يخشى لأنه زائل وعذاب الله باق. ثم عللوا تعظيمهم لله واستهانتهم بفرعون بقولهم: ﴿إنا ءامنا بربنا﴾ أي المحسن إلينا طول أعمارنا مع إساءتنا بالكفر وغيره ﴿ليغفر لنا﴾ من غير نفع يلحقه بالفعل أو ضرر يدركه بالترك


الصفحة التالية
Icon