التقدير: فأتوا إلى الطور لميعادنا، وتيمموا جانبه الأيمن بأمرنا ومرادنا، وتعجل موسى صفينا الصعود فيه مبادراً لما عنده من الشوق إلى ذلك المقام الشريف وتأخر مجيء قومه عن الإتيان معه، فقلنا: ما أخر قومك عن الأتيان معك؟ فعطف عليه قوله: ﴿وما أعجلك﴾ أي أيّ شيء أوجب لك العجلة في المجيء ﴿عن قومك﴾ وإن كنت بادرت مبادرة المبالغ في الاسترضاء، أما علمت أن حدود الملوك لا ينبغي تجاوزها بتقدم أو تأخر؟ ﴿يا موسى*﴾ فهلا أتيتم جمله وانتظرتم أمراً أمراً جديداً بخصوص الوقت الذي استحضركم فيه ﴿قال﴾ موسى ظناً منه أنهم أسرعوا وراءه: ﴿هم﴾ وأتى باسم الإشارة وأسقط منه هاء التنبيه لأنه لا يليق بخطاب الله، قال ابن هبيرة: ولم أر أحداً من الأصفياء خاطب ربه بذلك، وإنما خاطب به الكفار لغباوتهم
﴿قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك﴾ [النحل: ٨٦] في أمثالها وأما آخر الزخرف فقد ذكر التعبير بها في موضعه ﴿أولاء﴾ أي هم في القرب بحيث يسار إليهم، كائنين ﴿على أثري﴾ أي ماشين على آثار مشيي قبل أن ينطمس لم أسبقهم إلا بشيء جرت العادة في السبق بمثله بين الرفاق، هذا بناء منه على ما كان عهد إليهم، وأكد فيه عليهم: ثم اعتذر عن فعله فقال: ﴿وعجلت﴾


الصفحة التالية
Icon