اتباعاً لا تزيغ فيه عما نهجته لك بوجه من الوجوه شيئاً من زيغ، وعبر عن هذا التأكيد بزيادة «لا» في قوله: ﴿ألاَّ تتبعن﴾ كما تقدم غير مرة أن النافي إذا زيد في الكلام كان نافياً لضد مضمونه فيفيد إثباتاً للمضون ونفياً لضده، فيكون ذلك في غاية التأكيد ﴿أفعصيت﴾ أي أتكبرت عن اتباعي فتسبب عن ذلك أنك عصيت ﴿أمري*﴾ وأخذ بلحيته وبرأسه يجره إليه غضباً لله تعالى، فكأنه قيل: ما قال له؟ فقيل: ﴿قال﴾ مجيباً له مستعطفاً بذكر أول وطن ضمهما بعد نفخ الروح مع ما له من الرقة والشفقة: ﴿يبنؤم﴾ فذكره بها خاصة وإن كان شقيقه لأنه يسوءها ما يسوءه، وهي أرق من الأب ﴿لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي﴾ أي بشعره؛ ثم علل ذلك بقوله: ﴿إني خشيت أن تقول﴾ إن اشتددت عليهم حتى يصل الأمر إلى القتال ﴿فرقت بين بني إسرائيل﴾ بفعلك هذا الذي لم يُجْدِ شيئاً لقلة من كان معك وضعفكم عن ردهم ﴿ولم ترقب قولي*﴾ ﴿اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين﴾ ولم تقل وارددهم ولو أدى الأمر إلى السيف، وهذا كما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مأموراً بالصفح والحلم والمدافعة باللين عند ضعف الناصر وقلة المعين.


الصفحة التالية
Icon