فقال: ﴿إنما إلهكم﴾ جميعاً ﴿الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال؛ ثم كشف المراد من ذلك وحققه بقوله: ﴿الذي لا إله إلا هو﴾ أي لا يصلح لهذا المنصب أحد غيره لأنه ﴿وسع كل شيء علماً*﴾ تمييز محول عن الفاعل، أي أحاط علمه بكل شيء، فكان على كل شيء ممكن قديراً، فكان كل شيء إليه فقيراً، وهو غني عن كل شيء، وجوده يباين وجود غيره، وذاته تباين ذات غيره، وصفاته تباين صفات غيره، وأما العجل الذي عبدوه فلو كان حياً كان مثلاً في الغباوة، فلا يصلح للإلهية بوجه ولا في عبادته شيء من حق، وكان القياس على ما يتبادر إلى الذهن حيث نفى عنه العلم بقوله ﴿ألا يرجع إليهم قولاً﴾ والقدرة بقوله ﴿ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً﴾ أن يثبتا هنا للاله الحق، ولكنه اعتنى بإثبات العلم الواسع لاستلزامه للقدرة على كل ما يمكن أن يتعلق به، بإفادة الأسباب لشيء المراد، ومنع الموانع عنه فيكون لا محالة، ولو لم يكن كذلك لكان التخلف للجهل إما بما يفيد مقتضياً أو يمنع مانعاً، وأدل دليل على ذلك قوله تعالى ﴿ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء﴾ [الأعراف: ١٨٨] ولا يستلزم إثبات القدرة المحيطة العلم الشامل لخروج قسم


الصفحة التالية
Icon