تشريفاً لك وتعظيماً لقدرك ﴿من لدنا﴾ أي من عندنا من الأمر الشريف بمزيد خصوصيته بنا ولطيف اتصاله بحضرتنا من غيب غيباً ﴿ذكرا*﴾ عظيماً جليلاً جامعاً لما أظهرناه من أمرنا في التوراة، وما ابطنّاه من سرنا في الإنجيل، وما أودعناه من سكينتنا في الزبور، مع ما خصصناه به من لطائف المزايا، وعظائم الأسرار، يعرف بمجرد تلاوته أنه من عندنا لما يُشهد له من الروح، ويُذاق له من الإخبات والسكون، ويرى له من الجلالة في الصدور مع القطع بأن أحداً لا يقدر أن يعارضه، وضمناه تلك القصص مع ما زدنا فيه على ذلك من المواعظ والأحكام ودقائق اشارات الحقائق، متكفلاً بسعادة الدارين وحسنى الحسنيين، فمن أقبل عليه كان مذكراً له بكل ما يريد من العلوم النافعة.
ولما اشتمل هذا الذكر على جميع أبواب الخير، فكان كل مل ليس له فيه أصل شقاور محضة وضلالاً بعيداً، قال يقص عليه من أنباء ما يأتي كما قص من أنباء ما قد سبق: ﴿من أعرض عنه﴾ أي عن ذلك الذكر، وهو عام في جميع من يمكن دخوله في معنى «من» من العالمين ﴿فإنه يحمل﴾ ولما كان المراد استغراق الوقت قال:


الصفحة التالية
Icon