﴿إن﴾ أي يقول بعضهم لبعض: ما ﴿لبثتم﴾ أي في الدنيا استقصاراً لمدة إقامتهم في غيب ما بدا لهم من المخاوف، أو غلطاً ودهشة ﴿إلا عشراً*﴾ أي عقداً واحداً، لم يزد على الآحاد إلا بواحد، وهو لو أنه سنون سن من لم يبلغ الحلم، فكيف إذا كان شهوراً أو أياماً فلم يعرفوا لذة العيش بأيّ تقدير كان.
ولما كان علم ما يأتي أخفى من علم ما سبق، أتى فيه بمظهر العظمة فقال: ﴿نحن أعلم﴾ من كل أحد ﴿بما يقولون﴾ أي في ذلك اليوم ﴿إذ يقول أمثلهم طريقة﴾ في الدنيا فيما يحسبون، أي أقربهم إلى أن تكون طريقته مثل ما يطلب منه: ﴿إن﴾ أي ما ﴿لبثتم﴾ ودل على أن المعدود المحذوف من الأول الأيام بقوله: ﴿إلا يوماً﴾ أي مبدأ الآحاد، لا مبدأ العقود كما قال في الاية الأخرى ﴿قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم﴾ [المؤمنون: ١١٣] ﴿يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون﴾ [الروم: ٥٥] فلا يزالون في إفك وصرف عن الحق في الدارين، لأن الإنسان يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه، ويجوز أن يكون المراد أن من قال: إن لبثهم يوم واحد، أمثلهم في نفس الأمر، لأن الزمان وإن طال إنما هو يوم متكرر، ليس مراداً لنفسه، وإنما هو مراد


الصفحة التالية
Icon