لأنه ليس في الأرض ما يحوجهم إلى التعريج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء؛ وقال أبو حيان: أي لا عوج لدعائه، بل يسمع جميعهم فلا يميل إلى ناس دون ناس.
ولما أخبر بخشوعهم في الحديث والانقياد للدعوة، أخبر بخشوع غير ذلك من الأصوات التي جرت العادة بكونها عن الاجتماع فقال: ﴿وخشعت الأصوات﴾ أي ارتخت وخفيت وخفضت وتطامنت لخشوع أهلها ﴿للرحمن﴾ أي الذي عمت نعمه، فيرجى كرمه، ويخشى نقمه ﴿فلا﴾ أي فيتسبب عن رخاوتها أنك ﴿تسمع إلا همساً*﴾ أخفى ما يكون من الأصوات، وقيل: أخفى شيء من أصوات الأقدام.
ولما تقرر ما للأصوات من الانخفات، وكان قد أشير فيما مضى إلى وقوع الشفاعة من بعض أخصائه بإذنه، وكان الحشر للحساب بمعرض التقريب لبعض والتبعيد لبعض، وكانت العادة جارية بأن المقرب يشفع للمبعد، لما بين أهل الجمع من الوصل والأسباب المقتضية لذلك، وكان الكفار يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم


الصفحة التالية
Icon