لأن الجزاء من جنس العمل، وقراءة ابن كثير بلفظ النهي محققة للمبالغة في النفي ﴿ولا هضماً﴾ أي نقصاً من جزائه وإن كان هو لم يوف المقام حقه لأنه لا يستطيع ذلك، وأصل الهضم الكسر، وأما غير المؤمن فلو عمل أمثال الجبال من الأعمال لم يكن لها وزر.
ولما اشتملت هذه الآية على الذروة من حسن المعاني، فبشرت ويسرت، وأنذرت وحذرت، وبينت الخفايا، وأظهرت الخبايا، مع ما لها من جلالة السبك وبراعة النظم، كان كأنه قيل تنبيهاً على جلالتها: أنزلناها على هذا المنوال العزيز المثال ﴿وكذلك﴾ أي ومثل هذا الإنزال ﴿أنزلناه﴾ أي هذا الذكر كله بعظمتنا ﴿قرآناً﴾ جامعاً لجميع المعاني المقصودة ﴿عربياً﴾ مبيناً لما أودع فيه لكل من له ذوق في أساليب العرب.
ولما كان أكثر هذه الآيات محذراً، قال: ﴿وصرفنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿فيه من الوعيد﴾ أي ذكرناه مكررين له محولاً في أساليب مختلفة، وأفانين متنوعة مؤتلفة.
ولما ذكر الوعيد، أتبعه ثمرته فقال: ﴿لعلهم يتقون﴾ أي ليكون الناظر لهم بعد ذلك على رجاء من أن يتقوا ويكونوا به في عداد من يجدد التقوى كل حين، بأن تكون له وصفاً مستمراً، وهي الحذر الحامل


الصفحة التالية
Icon