لمن تقدمهم ﴿من القرون﴾ بتكذيبهم لرسلنا، حال كونهم ﴿يمشون في مساكنهم﴾ ويعرفون خبرهم بالتوارث خلفاً عن سلف أنا ننصر أولياءنا ونهلك أعدائنا ونفعل ما شئنا! والأحسن أن لا يقدر مفعول، ويكون المعنى: أو لم يقع لهم البيان الهادي، ويكون ما بعده استئنافاً عيناً كما وقع البيان بقوله استئنافاً: ﴿إن في ذلك﴾ أي الإهلاك العظيم الشأن المتوالي في كل أمة ﴿لآيات﴾ عظيمات البيان ﴿لأولي النهى*﴾ أي العقول التي من شأنها النهي عما لا ينفع فضلاً عما يضر، فإنها تدل بتواليها على قدرة الفاعل، وبتخصيص الكافر بالهلاك والمؤمن بالنجاة على تمام العلم مع عموم القدرة، وعلى أنه تعالى لا يقر على الفساد وإن أمهل - إلى غير ذلك ممن له وازع من عقله.
ولما هددهم بإهلاك الماضين، ذكر سبب التأخير عنهم، عاطفاً على ما أرشد إلى تقديره السياق، وهو مثل أن يقال: فلو أراد سبحانه لعجل عذابهم: ﴿ولولا كلمة﴾ أي عظيمة ماضية نافذة ﴿سبقت﴾ أي في الأزل ﴿من ربك﴾ الذي عودك بالإحسان بأنه يعامل بالحلم والأناة، وأنه لا يستأصل مكذبيك، بل يمد لهم، ليرد من شاء


الصفحة التالية
Icon