سراً أو جهراً.
ولما كان من يسمع من هاتين المسافتين يسمع من أيّ مسافة فرضت غيرهما قطعاً، لم يحتج إلى جمع على أنه يصح إرادة الجنس فقال: ﴿في السماء والأرض﴾ على حد سواء، لأنه لا مسافة بينه وبين شيء من ذلك ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿السميع العليم*﴾ يسمع كل ما يمكن سمعه، ويعلم كل ما يمكن علمه من القول وغيره، فهو يسمع سركم، ويبطل مكركم، ويسمع ما أنسبه إليه من هذا الذكر، فلو لم يكن عنه لزلزل بي، وقد جرت سنته القديمة في الأولين، بإهلاك المكذبين، وتأييد الصادقين، وإنجائهم من زمن نوح عليه السلام إلى هذا الزمان، ولعلمه بحال الفريقين.
وستعلمون لمن تكون له العاقبة، وقد أشار إلى هذا في هؤلاء الأنبياء عليهم السلام الذين دل بقصصهم في هذه السورة على ما تقدمها من الأحكام والقضايا ﴿وكنا به عالمين﴾ [الأنبياء: ٥١] ﴿إذ قال لأبيه وقومه وكنا لحكمهم شاهدين﴾ و ﴿كنا بكل شيء عالمين﴾ [الأنبياء: ٨٨] ﴿وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون﴾ [الأنبياء: ١٠٩] ﴿إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون﴾ [الأنبياء: ١١٠] ﴿إن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ [الأنبياء: ١٠٥] ﴿ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾ [النور: ٥٥].


الصفحة التالية
Icon