أنه على سنتهم في جميع الأوصاف التي حكم بها على البشر من العيش والموت فقال: ﴿وما جعلناهم﴾ أي الرسل الذين اخترنا بعثهم إلى الناس ليأمروهم بأوامرنا. ولما كان السبب في الأكل ترتيب هذا الهيكل الحيواني على ما هو عليه لا كونه متكثراً، وحد فقال ﴿جسداً﴾ أي ذوي جسد لحم ودم متصفين بأنهم ﴿لا يأكلون الطعام﴾ بل جعلناهم أجساداً يأكلون ويشربون، وليس ذلك بمانع من إرسالهم؛ قال ابن فارس في المجمل: وفي كتاب الخليل: إن الجسد لا يقال لغير الإنسان من خلق الأرض. ثم عطف على الأول قوله: ﴿وما كانوا خالدين*﴾ أي بأجسادهم، بل ماتوا كما مات الناس قبلهم وبعدهم، أي لم يكن ذلك في جبلتهم وإنما تميزوا عن الناس بما يأتيهم عن الله سبحانه، ورسولكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بخالد، فتربصوا كما أشار إليه ختم طه فإنه متربص بكم وأنتم عاصون للملك الذي اقترب حسابه لخلقه وهو مطيع له، فأيكم أحق بالأمن؟ ولما بين أن الرسل كالمرسل إليهم بشر غير خالدين، بين سنته فيهم وفي أممهم ترغيباً لمن اتبع، وترهيباً لمن امتنع، فقال عاطفاً بأداة التراخي في مظهر العظمة على ما أرشد إليه التقدير من مثل: بل جعلناهم