أي من غير توقف أصلاً ﴿منها﴾ أي القرية ﴿يركضون*﴾ هاربين عنها مسرعين كمن يركض الخيل - أي يحركها - للعدو، بعد تجبرهم على الرسل وقولهم لهم ﴿لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا﴾ [إبراهيم: ١٣] فناداهم لسان الحال تقريعاً تبشيعاً لحالهم وتفظيعاً: ﴿لا تركضوا﴾ وصور التهكم بهم بأعظم صورة فقال: ﴿وارجعوا﴾ إلى قريتكم ﴿إلى ما﴾.
ولما كان التأسيف إنما هو على العيش الرافه لا على كونه من معط معين، بني للمفعول قوله: ﴿أترفتم فيه﴾ أي منها، ويجوز أن يكون بني للمجهول إشارة إلى غفلتهم عن العلم لمن أترفهم أو إلى أنهم كانوا ينسبون نعمتهم إلى قواهم، ولو عدوها من الله لشكروه فنفعهم. ولما كان أعظم ما يؤسف عليه بعد العيش الناعم المسكن، قال: ﴿ومساكنكم﴾ أي التي كنتم تفتخرون بها على الضعفاء من عبادي بما أتقنتم من بنائها، وأوسعتم من فنائها، وعليتم من مقاعدها، وحسنتم من مشاهدها ومعاهدها ﴿لعلكم تسألون*﴾ في


الصفحة التالية
Icon