دعوى لهم غيرها، لأن الويل ملازم لهم غير منفك عنهم، وترفقهم له غير نافعهم ﴿حتى جعلناهم﴾ بما لنا من العظمة ﴿حصيداً﴾ كالزرع المحصود.
ولما كان هذا وما بعده مثل حلو حامض في الزمان، جعلا خبراً واحداً ليكون «جعل» مقتصراً على مفعولين فقال: ﴿خامدين*﴾ أي جامعين للانقطاع والخفوت، لا حركة لهم ولا صوت، كالنار المضطرمة إذا بطل لهيبها ثم جمرها وصارت رماداً، ولم يك ينفعهم إيمانهم واعترافهم بالظلم وخضوعهم لما رأوا بأسنا.
ولما ذمهم باللعب وبين أنه يفعل في إهلاك الظلم وإنجاء العدل فعل الجاد بإحقاق الحق بالانتقام لأهله، وإزهاق الباطل باجتثاثه من أصله، فكان التقدير: وما ينبغي لنا أن نفعل غير ذلك من أفعال الحكمة العرية عن اللعب، فلم نخلق الناس عبثاً يعصوننا ولا يؤاخذون، عطف عليه قوله: ﴿وما خلقنا﴾ أي بعظمتنا التي تقتضي الجد ولا بد.
ولما كان خلق السماء واحدة يكفي في الدلالة على الحكمة فكيف بأكثر منها! وحّد فقال: ﴿السماء﴾ أي على علوها وإحكامها