لأنكارهم المقتضي للتأكيد، وكل هذا في حيز ﴿إذا﴾ أي إذا أنزلنا شيئاً من القرآن منبهاً على أقاويلكم مبيناً لأباطيلكم، فاجأه ظهور الزهوق للباطل، والويل لكم والملك له سبحانه منزهاً عن كل نقص ثابتاً له بالعبادة كل كمال، ويجوز أن يعطف على ﴿نقذف﴾.
ولما كانوا عند هذا البيان جديرين بأن يبادروا إلى التوحيد فلم يفعلوا، كانوا حقيقين بعد الإعراض عنهم - بالتوبيخ والتهكم والتعنيف فقال تعالى: ﴿أم اتخذوا﴾ أي أعلموا أن كل شيء تحت قهره نافذ فيه أمره فرجعوا عن ضلالهم، أم لم يعلموه، أو عملوا ما ينافيه فاتخذوا ﴿ءالهة﴾.
ولما كانت معبوداتهم أصناماً أرضية من حجارة ونحوها قال: ﴿من الأرض﴾ أي التي هم مشاهدون لأنها وكل ما فيها طوع مشيئته ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿ينشرون*﴾ أي يحيون شيئاً مما فيها من الأجسام النامية حتى يستحقوا بذلك صفة الإلهية، وإفادة السياق الحصر تفيد أنه لو وقع الإنشاء لأحد على وجه يجوّز مشاركة غيره له لم يستحق العبادة، وفي هذا الاستفهام تهكم بهم بالإشارة إلى أنهم عبدوا ما هو من أدنى ما في الأرض مع أنه ليس في الأرض ما يستحق أن يعبد، لأن الإنسان أشرف ما فيها، ولا يخفى ما له من