ذلك تنزه المتصف بصفات الكمال ﴿رب العرش﴾ أي الذي هو نهاية المعلومات من الأجسام، ورب ما دونه من السماوات والأراضي وما فيهما المتفرد بالتدبير، كما يتفرد الملك الجالس على السرير ﴿عما يصفون*﴾ مما يوهم نقصاً ما، ثم علل ذلك بقوله: ﴿لا يسأل﴾ أي من سائل ما ﴿عما يفعل﴾ أي لا يعترض عليه لأنه لا كفوء له في علم ولا حكمة ولا قدرة ولا عظمة ولا غير ذلك، فليس في شيء من أفعاله لإتقانها موضع سؤال، فمهما أراد كان ومهما قال فالحسن الجميل، فلو شاء لعذب أهل سماواته وأهل أرضه، وكان ذلك منه عدلاً حسناً، وهذا مما يتمادح به أولو الهمم العوال، كما قال عامر الخصفي في هاشم بن حرملة بن الأشعر:

أحيا أباه هاشم بن حرملة يوم الهباءات ويوم اليعمله
ترى الملوك عنده مغربلة يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له
قال ابن هشام في مقدمة السيرة قبل «أمر البسل» بقليل: أنشدني


الصفحة التالية
Icon