الجار فقال منبهاً لهم مكرراً لما مضى على وجه أعم، طالباً البرهان تلويحاً إلى التهديد: ﴿من دونه ءالهة﴾ من السماء أو الأرض وغيرهما.
ولما كان جوابهم: اتخذنا، ولا يرجع أمره بجوابهم فقال: ﴿قل هاتوا برهانكم﴾ على ما ادعيتموه من عقل أو نقل كما أثبت أنا ببرهان النقل المؤد بالعقل.
ولما كان الكريم سبحانه لا يؤاخذ بمخالفة العقل ما لم ينضم إليه دليل النقل، أتبعه قوله مشيراً إلى ما بعث الله به الرسل من الكتب: ﴿هذا ذكر﴾ أي موعظة وشرف ﴿من معي﴾ ممن آمن بي وقد ثبت أنه كلام الله بعجزكم عن معارضته فانظروا هل تجدون فيه شيئاً يؤيد أمركم ﴿وذكر﴾ أي وهذا ذكر ﴿من قبلي﴾ فاسألوا أهل الكتابين هل في الكتاب منهما برهان لكم.
ولما كانوا لا يجدون شبهة لذلك فضلاً عن حجة اقتضى الحال الإعراض عنهم غضباً، فكان كأنه قيل: لا يجدون لشيء من ذلك برهاناً ﴿بل أكثرهم﴾ أي هؤلاء المدعوين ﴿لا يعلمون الحق﴾ بل هم جهلة والجهل أصل الشر والفساد، فهم يكفرون تقليداًُ ﴿فهم﴾ أي فتسبب عن جهلهم ما افتتحنا به السورة من أنهم ﴿معرضون*﴾ عن ذكرك وذكر