ولما كان الجزاء علة في وضع المقادير، عبر باللام ليشمل - مع ما يوضع فيه - ما وضع الآن لأجل الدنيوية فيه فقال: ﴿ليوم القيامة﴾ الذي أنتم عنه - لإعراضكم عن الذكر - غافلون. ولما جرت العادة بأن الملك قد يكون عادلاً فظلم بعض أتباعه، بين أن عظمته في إحاطة علمه وقدرته تأبى ذلك، فبنى الفعل للمجهول فقال: ﴿فلا﴾ أي فتسبب عن هذا الوضع أنه لا ﴿تظلم﴾ أي من ظالم ما ﴿نفس شيئاً﴾ من عملها ﴿وإن كان﴾ أي العمل ﴿مثقال حبة﴾ هذا على قراءة الجماعة بالنصب.
والتقدير على قراءة نافع بالرفع: وإن وقع أو وجد ﴿من خردل﴾ أو أحقر منه، وإنما مثل به لأنه غاية عندنا في القلة، وزاد في تحقيره بضمير التأنيث لإضافته إلى المؤنث فقال: ﴿أتينا بها﴾ بما لنا من العظمة في العلم والقدرة وجميع صفات الكمال فحاسبناه عليها، والميزان الحقيقي. ووزن الأعمال على صفة يصح وزنها معها بقدرة من لا يعجزه شيء.
ولما كان حساب الخلائق كلهم على ما صدر منهم أمراً باهراً للعقل، حقره عند عظمته فقال: ﴿وكفى بنا﴾ أي بما لنا من العظمة


الصفحة التالية
Icon