ولما ذكر فرقان موسى عليه السلام، وكان العرب يشاهدون إظهار اليهود للتمسك به والمقاتلة على ذلك والاغتباط، حثهم على كتابهم الذي هو أشرف منه فقال: ﴿وهذا﴾ فأشار إليه بأداة القرب إيماء إلى سهولة تناوله عليهم ﴿ذكر﴾ أي عظيم، ودلهم على أنه أثبت الكتب وأكثرها فوائد بقوله: ﴿مبارك﴾ ودلهم على زيادة عظمته بما له من قرب الفهم والإعجاز وغيره بقوله: ﴿أنزلناه﴾ ثم أنكر عليهم رد ووبخهم في سياق دال على أنهم أقل من أن يجترئوا على ذلك، منبه على أنهم أولى بالمجاهدة في هذا الكتاب من أهل الكتاب في كتابهم فقال: ﴿أفأنتم له﴾ أي لتكونوا دون أهل الكتاب برد ما أنزل لتشريفكم عليهم وعلى غيرهم مع أنكم لا تنكرون كتابهم ﴿منكرون*﴾ أي أنه لو أنكره غيركم لكان ينبغي لكم مناصبته، فكيف يكون الإنكار منكم؟
ولما كان مقصود السورة الدلالة على القدرة على ما استبعده العرب من إعادة الحيوان بعد كونه تراباً، وبدأ ذكر الأنبياء بمن صرفه في العناصر الأربعة كما تقدم قص ذلك من التوراة في سورتي البقرة والأعراف إشارة إلى من استبعد عليه ما جعله إلى بعض عبيده


الصفحة التالية
Icon