وإصابته وجه الأمر واهتداءه إلى عين الصواب وأدل الدلالة وأعرف العرف وأشرف القصد الذي جلبناه عليه؛ وقال الرازي في اللوامع: والرشد قوة بعد الهداية - انتهى. وأضافة إليه إشارة إلى أنه رشد يليق به على علو مقامه وعظم شأنه لا جرم ظهر عليه أثر ذلك من بين أهل ذلك الزمان كلهم فآثر الإسلام على غيره من الملل ﴿من قبل﴾ أي قبل موسى وهارون عليهما السلام ﴿وكنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿به﴾ ظاهراً وباطناً ﴿عالمين*﴾ بأنه جبلة خير يدوم على الرشد ويترقى فيه إلى أعلى درجاته لما طبعناه عليه بعظمتنا من طبائع الخير؛ وتعليقُ ﴿إذ قال﴾ أي إبراهيم ﴿لأبيه وقومه﴾ ب ﴿عالمين﴾ إشارة إلى أن قوله لما كان بإذن منا ورضى لنا نصرناه - وهو وحده - على قومه كلهم، ولو لم يكن يرضينا لمنعناه منه بنصر قومه عليه وتمكين النار منه، فهو مثل ما مضى في قوله ﴿قل ربي يعلم القول في السماء والأرض﴾ ومفهوم هذا القيد لا يضر لأنه لا يحصي ما ينفيه من المنطوقات، وإن شئت فعلقه ب ﴿آياتنا﴾ ؛ ثم ذكر مقول القول في قوله منكراً عليهم محقراً لأصنامهم في أسلوب التجاهل لإثبات دعوى جهلهم بدليل:


الصفحة التالية
Icon