كما تحمله ذهاباً إلى حيث أراد من قاص ودان - تحمله إلى قراره أياماً فقال: ﴿إلى الأرض التي باركنا﴾ أي بعزتنا ﴿فيها﴾ وهي الشام ﴿وكنا﴾ أي أزلاً وأبداً بإحاطة العظمة ﴿بكل شي﴾ من هذا وغيره من أمره وغيره ﴿عالمين*﴾ فكنا على كل شيء قادرين، فلولا رضانا به لغيرناه عليه كما غيرنا على من قدمنا أمورهم، وهذا من طراز ﴿قل ربي يعلم القول﴾ كما مضى، وتسخير الريح له كما سخرت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليالي الأحزاب، قال حذيفة رضي الله عنه: حتى كانت تقذفهم بالحجارة، ما تجاوز عسكرهم فهزمهم الله بها وردوا بغيظهم لم ينالوا خيراً.
وأعم من جميع ما أعطى الأنبياء عليهم السلام أنه أعطى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التصرف في العالم العلوي الذي جعل سبحانه من الفيض على العالم السفلي بالاختراق لطباقه بالإسراء تارة، وبإمساك المطر لما دعا بسبع كسبع يوسف، وبإرساله أخرى كما في أحاديث كثيرة، وأتي مع ذلك بمفاتيح خزائن الأرض كلها فردها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما ذكر تسخير الريح له، ذكر أنه سخر له مأغلب عناصره النار والريح للعمل في الماء، مقابلة لارتفاع الحمل في الهواء باستفال الغوص في الماء فقال: ﴿ومن﴾ أي وسخرنا له من ﴿الشياطين﴾ الذين هم أكثر شيء تمرداً وعتواً،


الصفحة التالية
Icon