في الحفظ فقال ﴿وذا النون﴾ أي اذكره ﴿إذ ذهب مغاضباً﴾ أي على هيئة الغاضب لقومه بالهجرة عنهم، ولربه بالخروج عنهم دون الانتظار لإذن خاص منه بالهجرة، وروي عن الحسن أن معنى ﴿فظن أن لن نقدر عليه﴾ أن لن نعاقبه بهذا الذنب، أي ظن أنا نفعل معه من لا يقدر، وهو تعبير عن اللازم بالملزوم مثل التعبير عن العقوبة بالغضب، وعن الإحسان بالرحمة وفي أمثاله كثرة، فهو أحسن الأقوال وأقومها - رواه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن قتادة عنه وعن مجاهد مثله وأسند من غير طريق عن ابن عباس رضي الله عنهما معناه، وكذا قال الأصبهاني عنه أن معناه: لن نقضي عليه بالعقوبة، وأنه قال أيضاً ما معناه: فظن أن لن نضيق عليه الخروج، من القدر الذي معناه الضيق، لا من القدرة، ومنه ﴿فقدر عليه رزقه﴾ [الفجر: ١٦] وروى البيهقي أيضاً عن الفراء أن نقدر بمعنى نقدر - مشدداً وبحكم، وأنشد عن ابن الأنباري عن أبي صخر الهذلي:
ولا عائداً ذاك الزمان الذي مضى تباركت ما نقدر يقع ولك الشكر ﴿فنادى﴾ أي فاقتضت حكمتنا أن عاتبناه حتى استسلم فألقى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وغاص به إلى قرار البحر ومنعناه من أن يكون


الصفحة التالية
Icon