رحم مريم عليها السلام من غير نطفة.
ولما قدمته من السر في إفاضة النفخ إلى حملتها، أتبع ذلك قوله: ﴿وجعلناها وابنها﴾ أي بتلك العظمة العظمى ﴿ءاية﴾ جعلهما نفس الآية لكثرة ما كان فيهما من الأعاجيب. ولما كان ما فيهما من ذلك ليس مقصوداً لذاته، بل لتقرير أمر عيسى عليه السلام، لم يقل: آيتين، أو لئلا يظن أن نفس العدد مقصود فينقص المعنى ﴿للعالمين*﴾ أي في أن الله قادر على كل شيء لا سيما البعث الذي هو آيته، يتحدث بذلك بعدهما جيل بعد جيل، وعالم بعد عالم، وأمة بعد أمة، إلى قيام الساعة التي هو علمها، وحفظنا ابنها بعلمنا وحكمتنا وقدرتنا وعظمتنا ممن كاده، ورفعناه إلى محل قدسنا، وختم به الأنبياء المذكورين هنا لأنه خاتم المجددين لهذا الدين المحمدي، وهو دليل الساعة، وكتابة أعظم كتاب بعد التوراة التي ابتدأ بصاحبها ذكر هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حاشى القرآن الذي عجزت لبلاغته الإنس والجان.


الصفحة التالية
Icon