والتحلي بالحكم باستقرار الفريقين في دار النعيم أو غار الجحيم، وأكثر فيما بين هذه وبين سبأ من أمر البعث كثرة ليست فيما مضى حتى صدر بعضها به، وبناها عليه كسورتي الأنبياء ﴿اقترب للناس حسابهم﴾ [الأنبياء: ١] والحج ﴿إن زلزلة الساعة شيء عظيم﴾ [الحج: ١] ولما لم يكن بين البعث وما بعده مهلة لشيء من ذلك، عقب سورة الإيجاد الثاني بسورة الإبقاء الثاني من غير فاصل ولا حاجز ولا حائل - والله أعلم.
ولما وصف الكتاب بما له من العظمة في جميع ما مضى من أوصافه من الحكمة والإحكام، والتفصيل والبيان، والحقية، والإخراج من الظلمات إلى النور، والجمع لكل معنى والتبيان لكل شيء، أتبعه ذكر فائدته مقدماً ما هو الأهم من درء المفسدة بالإنذار، لأنه مقامه كما هو ظاهر من ﴿سبحان﴾ فقال: ﴿لينذر﴾ وقصره على المفعول الأول ليعم كل من يصح قبوله الإنذار ولو تقديراً، وليفيد أن الغرض بيان المنذر به لا المنذر ﴿بأساً شديداً﴾ كائناً ﴿من لدنه﴾ أي أغرب ما عنده من الخوارق بما في هذا الكتاب من الإعجاز لمن خالف أمره من عذاب الدنيا والآخرة كوقعة بدر وغيرها المفيد لإدخال الإسلام