ولما كان كل من الصلاة والخشوع صاداً عن اللغو، أتبعه قوله: ﴿والذين هم﴾ بضمائرهم التي تبعها ظواهرهم ﴿عن اللغو﴾ أي ما لا يعنيهم، وهو كل ما يستحق أن يسقط ويلغى ﴿معرضون*﴾ أي تاركون عمداً، فصاروا جامعين فعل ما يعني وترك ما لا يعني.
ولما جمع بين قاعدتي بناء التكاليف: فعل الخشوع وترك اللغو، وكان الإنسان محل العجز ومركز التقصير، فهو لا يكاد يخلو عما لا يعنيه، وكان المال مكفراً لما قصد من الإيمان فضلاً عما ذكر منها على سبيل اللغو، فكان مكفراً للغو في غير اليمين من باب الأولى ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ [التوبة: ١٠٣] أتبعه قوله: ﴿والذين هم﴾ وأثبت اللام تقوية لاسم الفاعل فقال: ﴿للزكاة﴾ أي التزكية، وهي إخراج الزكاة، أو لأداء الزكاة التي هي أعظم مصدق للإيمان ﴿فاعلون*﴾ ليجمعوا في طهارة الدين بين القلب والقالب والمال؛ قال ابن كثير: هذه مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب، وأن أصل الزكاة كان واجباً بمكة كما قال تعالى في سورة الأنعام
﴿وآتوا حقه يوم حصاده﴾ [