ولما كان ذلك من الأمانات العظيمة، أتبعه عمومها فقال: ﴿والذين هم لأماناتهم﴾ أي في الفروج وغيرها، سواء كانت بينهم وبين الله كالصلاة والصيام وغيرهما، أو في المعاني الباطنة كالإخلاص والصدق، أو بينهم وبين خلق كالوادئع والبضائع، فعلى العبد الوفاء بجميعها - قاله الرازي. ولما كان العهد أعظم أمانة، تلاها به تنبيهاً على عظمه فقال: ﴿وعهدهم راعون*﴾ أي الحافظون بالقيام والرعاية والإصلاح.
ولما كانت الصلاة أجلّ ما عهد فيه من أمر الدين وآكد، وهي من الأمور الخفية التي وقع الائتمان عليها، لما خفف الله فيها على هذه الأمة بإيساع زمانها ومكانها، قال: ﴿والذين هم على صلواتهم﴾ التي وصفوا بالخشوع فيها ﴿يحافظون*﴾ أي يجددون تعهدها بغاية جدهم، لا يتركون شيئاً من مفروضاتها ولا مسنوناتها، ويجتهدون في كمالاتها، وحّدت في قراءة حمزة والكسائي للجنس، وجمعت عند الجماعة إشارة إلى أعدادها وأنواعها، ولا يخفى ما في افتتاح هذه الأوصاف واختتامها بالصلاة من التعظيم لها، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة».
ولما ذكر مجموع هذه الأوصاف العظيمة، فخم جزاءهم فقال: ﴿أولئك﴾ أي البالغون من الإحسان أعلى مكان ﴿هم﴾ خاصة